أشارت الأبحاث إلى نمط متكرر في إجتماعات العمل وهو سيطرة بعض الاشخاص على دفة الحوار أغلب الوقت حتى بلغ الامر انه في المتوسط من كل اجتماع يحضره 6 أشخاص ينفرد شخصين بدفة الحوار ما يقارب 60% من وقت الاجتماع.
الأمر لا يحتاج دراسة وذكاء لمعرفة سمات “المسيطرين على الحوارات” إذا كنت من اهل الأربعة الصامتين ستعتبرهم من “المستعرضين” و “محبي الظهور” و إن كنت “منهم” فستبرر ذلك بأنهم النشيطون اصحاب الذكاء اللامع والحضور الاجتماعي !
اما في بلاد العالم المتقدم فقد صنف الأمر على انه “مشكلة” وهو كذلك بالفعل في رأي. وبدأت الشركات والمؤسسات الكبرى في عقد ما يسمى بالاجتماعات الصامتة. تفرض هذه الاجتماعات على الجميع قضاء عدة دقائق دون كلام ويُطلب من الجميع كتابة ما يريدون مناقشته بالاجتماع، ارائهم، أسئلتهم، وبذلك يتاح لجميع الحاضرين المشاركة الفعالة في الاجتماع حتى وإن لم يمتلكوا مهارات الصوت العالي والإستعراض.
من خبرة عقود في الادارة بكافة قطاعات العمل تقريبا أكاد أجزم ان كثير من الصامتين يملكون افكار ممتازة أو أراء فارقة لكن الطرق المعتادة لإدارة الاجتماعات والأعمال بصفة عامة تضيع فرصة الاستفادة منهم. ويكون على المدير والرئيس المباشر مهمة تفهم كل فرد يعمل معه، وأن يعرف عن ظهر قلب نقاط قوته ويحسن توظيفها وأول ذلك أن يستشير هذا الشخص فيما يحسنه وان يعطيه المساحة لأن يتكلم حتى وإن كان من الزاهدين في خشبة المسرح أو يفتقد مهارات الاستعراض. هذا التوجيه من المدير عامل فارق جدا في دمج الاشخاص الأفضل فعلا وليس الاقدر
كلاماً” والاعلى صوتاً.
“سؤلت” يوما عن وظيفة هامة اسندتها لأحد “الصامتين” رغم تنافس شخص “لامع” معه، وكان السؤال طبعا مشوباً بالشك في اسباب قراري وإشارة خفية إلى أنه خطأ. اوضحت وجهة نظري وأساس اختياري لهذا الشخص لهذا العمل، ووالله انه ما ان مرت اعوام قليلة حتى أصبح هذا الشخص ملء السمع والبصر في هذا المجال، ويتقلد الآن منصب مرموق في شركة معروفة في دولة أوربية عن كامل إستحقاق. وخطوته الاولى التي جعلني الله سبباً لها هي مكافأة الله لكل مجتهد وساع وان لم يسعفه لسانه ولم يحسن فن الاستعراض والظهور.
جربوا الاجتماعات الصامتة فتحققوا الإشراك الفعال لكل موظفيكم، وربما حققتم للعمل نتائج مبهرة تفوق التوقعات.
اترك تعليقًا