يا صديقة ثلاث عقود أو يزيد، يا قريبة الطباع والأخلاق، يا سمية روحي ورفيقة السعي في سنوات البراءة الأولى، يا أول من وهبني تاج الأمومة الروحية، يا خير إبنة وأوفى صديقة وأبر الناس، كيف طاوعك قلبك أن تذهبي هكذا فجأة؟!
لن أقول كنا وكنتي فمثلك حاضر لا يغيب، فالحب والصداقة وحسن العشرة لا يأكلهم النسيان، وأنت دائما حاضرة معي بل زاد حضورك الآن ! عندما باعدت بيننا الدنيا، بظروف العمل ، والسفر، والمسئوليات، والأبناء لم تخفت صداقتنا، نتكلم بعد الشهور وكأنما لم تمر الشهور، محادثات كانت كقناع الأكسجين يعيد للنفس بعض ما فقدته في معارك الحياة ويحييها من جديد لتكمل الطريق. كنت أظن أن صداقتنا “عادية” كنت اظن انه من العادي ان أكون انا انا وانت انت ولا شيء فريد. لكن التحديق في وجه الشيطان لبرهة علمني سمات الملائكة وأحمد الله أن علمني ما لم أكن أعلم في الوقت المناسب فمن سوء الحظ الأ نعي النعم حتى تزول!
عندما واجهت الإستغلال والكراهية والغل والحقد والأذى والنفوس الكريهة أدركت أن في حياتي الكثير من الكرم والحب والود والصدق في المشاعر والإيثار والإخلاص وفهمت أن الامتنان الصادق بين الناس نادر، وكان ذلك غيض من فيض من اخلاقك، لم تتكلفي أيا منها لي أو لغيري فهي طباعك الأصيلة وأشهد.
صديقتي فراقك افقدني بعض نفسي،أدرك اني لم استوعب الأمر بعد، وأن العاصفة لم تأتي بعد وأعرف انها آتية، وأعرف ان حزني الآن حزن تشوبه غبطة فليس للأنانية بيننا مكان. وأنا أعرف تماما ان “الحياة” ليست هنا بل هناك حيث ذهبت. وأعرف أن الله يحبك وأنه قد مَن عليكِ واصطفاك وأنك الآن بخير وراحة وسعادة وفي أحسن حال أكثرمن أي وقت مضى. لا أزكيك على الله لكن ما اعلمه عنك يجعلني مطمئنة عليك وسعيدة لك. سعيدة أن قاربك قد وصل أخيرا إلى حيث الأمان المطلق والراحة المطلقة وإلى حيث لا حزن ولا خوف ولا قلق.
لكن ماذا أفعل مع الغصة التي تركتيها بقلبي؟ غصة لن تزول أبدا حتى نلتقي. ماذا أفعل وقد أصبح الشاطيء الآخر جميلا جدا وجذابا جدا جدا بذهابك اليه مع من سبقوك وأحببتهم؟ ليس بيدي إلا أن أسأل الله كل صباح ان تنتهي الغربة وتنطوي المسافات سريعا وأن التقيك وأحبتي كلهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر بفضل ورحمة من الله، وليس ذلك بعزيزاً عليه.
اترك تعليقًا