برغم إنتاج اللقاحات المختلفة لمواجهة إنتشار وباء الكورونا لا يبدوا أمامنا توقيت محدد نتطلع فيه لإنتهاء الأزمة التي أثرت على العالم وكل مناحي الحياة به لتمنحه شكل آخر لم نتعود عليه. أصبحت الأعمال مهددة والأسفار مقيدة وأصبح الذهاب لتأدية مصلحة في مكان مذدحم مغامرة قد تكون عواقبها وخيمة لا قدر الله. وفي فترة كهذه كيف نحافظ على هدوء أنفسنا وكيف نتخطى الهواجس المتسلطة علينا؟
الإجابة في مراعاة عدة أمور بها تتزن عدة جوانب روحية ونفسية وعملية . روحياً التعلق بالله وتذكر أن لا شيء يكون دون إرادة الله وأن ما كتبه الله لك سيحدث، فما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. الالتزام بالعبادات والاجتهاد فيها يهديء النفس ويطمئن القلب، ألا بذكر الله تطمئن القلوب. المداومة على أذكار الصباح والمساء فيها تحصن وأمان ومدد روحي كبير.
عملياً هناك أمور ليس لنا عليها سلطان ولا طائل من القلق بشأنها طالما لا نملك أن نغيرها، وهناك أمور لنا بعض الأثر فيها، فنلتزم بالتوجيهات الصحية ونؤدي واجبنا نحو ذلك على أكمل وجه، وأن نحاول إستغلال الأوقات الإضافية التي أصبحنا نمضيها في منازلنا الإستخدام الأمثل. بتعلم مهارة أو ممارسة هواية أو التواصل مع الأصدقاء والأقارب عن بعد.
السيطرة على مشاعرك وهدوء نفسك جهاد كبير، يساعدك عليه أن تفكر في تكلفة إنعدامه! كم كلفك الغضب الغير محسوب في السابق؟ كم مرة إتخذت قرار ثبت لك خطأوه لأنك إتخذته بتأثير الخوف أو الغضب أو الكراهية؟! نمر بأزمة والمشاعر السلبية تسكن تحت الرماد فلنحاول كبح جماحها ومنعها من تكبيدنا خسائر إضافية.
أفضل علاج للغضب أن تؤجل “الرد” لا تتجاوب مع من أغضبك تصرفه أو قوله في لحظتها، تأني وفكر ودبر أمرك. الأعصاب مرهقة والحياة جد صعبة وإنها والله لأيام ثقال كما قالوا، فلنحاول أن نخفف منها ولهذا وهبنا الله العقل والحكمة!
في هذا التحدي الكبير وبعد إستعانتك بالله عليه ثق بنفسك. ثق بأنك قادر على التعامل مع أي شيء تلقيه عليك الظروف. ثق بأنك قادر على القيام من كل كبوة بإذن الله. ثق بأنك ستمر من هذه الأزمة كما مررت قبل ذلك مرة ومرات منتصرا وسالماً.
قلل من الشحنات السلبية على أعصابك بتقليل متابعة الأخبار وتقليل إستخدام شبكات التواصل. لن يفوتك شيء ذي بال. فهذه وتلك تقتات على إنتباهنا وصفائنا الذهني وإستنزاف مشاعرنا لنظل أسرى منصاتهم ونستهلك إعلانات معلنيهم ليكدسوا الأموال على حساب أعصابنا !
أعتن بعلاقاتك وإن باعدت الظروف بينك وبين أرحامك أو أصدقائك المقربين فالتكونولوجيا قادرة على تقريب البعيد فأجعلها أداة تخدمك ولا تكن أنت خادماً لها.
من أول الواجبات في الأزمات أن يكون الإنسان “حاضراً” لنفسه ومن يرعاهم ومن يحبهم، ولو كان الحضور مجرد توفير مساحة للإستماع لما يقلقهم ويؤرقهم.
ربما الكثير مما تفعله الآن لم تختاره، ربما أملته عليك الظروف أو فرضته عليك الأزمة، لكن لا زال لك إختيار كيف يكون رد فعلك، وكيف تجتهد لتكون أفضل ما يمكنك في ظل هذه الظروف.
أستعن بالله ولا تعجز!
اترك تعليقًا