تخيل أنك ذهبت إلى عملك هذا الصباح لتجد على مكتبك خطاب من رئيس الشركة، في سرعة البرق تفتح الخطاب تجده خطاب شكر على مجهودك الرائع العام الماضي وأن الشركة ستكافئك بزيادة في الراتب 10% . تطير من الفرح من المفاجأة السارة الغير متوقعة، والزيادة المادية التي ستشكل فارق مهم لك.
تصور الخطاب ترسله إلى زوجتك والتي تزاملك في العمل، تهنئك وترسل لك هي الأخرى صورة خطاب مماثل والفرق أنها قد حصلت على زيادة في الراتب 15%.
ينتابك بعض الوجوم رغم أن الزيادتين في النهاية تصبان في مصلحة بيتك وأبنائك، يمضي اليوم وتتوالى المفاجأت الجميع حصلوا على زيادات ولكن جميعهم حصلوا على زيادة أكبر منك.
على منتصف اليوم تشعر بالإختناق، تود أن تترك عملك مبكراً وتعود للمنزل. السعادة والفرح الصباحي حل محله غضب وشعور بالدونية والعار.
لماذا؟ لماذا ضاعت “حلاوة” الزيادة المالية التي لم تكن في الحسبان هكذا؟ لماذا تأثرت بما حصل عليه غيرك رغم انه غير مستقطع من مالك مثلا؟!
يقول علماء النفس أن الانسان لو خير بين أن يحصل على 5000 دولار ولا يحصل زملاؤه على شيء، أو يحصل على 9000 دولار ويحصل الزملاء على 10000 دولار فإن الأغلبية ستختار ال 5000 دولار!
لماذا؟ وما المنطق في أن يقبل الانسان خسارة مادية طالما كان في وضع افضل من زملاؤه؟
يقول علماء النفس أن المقارنة مع الغير أو ما يسمونه الوضع الاجتماعي تؤثر في قراراتنا تأثيرا قوياً، فتحرمنا الاستمتاع بما نملك وما منحنا الله لأننا نقارن حالنا بالغير فإذا وجدنا من هو أعلى انقلب الرضا سخط، وانتابنا الحسد!
جذور الأمر تأتي من نشأة الانسان فهل قٌتل هابيل إلا بالحسد؟ الإنتباه لهذه التحيزات التي تميل إليها عقولنا يجعلنا قادرين على تهذيبها وتقويمها.
أن نذكر أنفسنا أن الأولى من مقارنة زيادة 10% بقيمة ما حصل عليه الآخرين أن نقارن بين حالنا بالزيادة وبدونها!
أن نضع في رؤوسنا بعض المنطق ونعرف بديهية أن 9 الآف اكبر من 5 الآف، وأن ما يحصل عليه الآخرين قل أو كثر لا يغير من حالنا شيء!
هذا ما يقوله علم النفس، اما ما يقوله القرآن: “أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ”
وقيل في الأثر:يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود: أولاها: غمٌّ لا ينقطع. الثانية: مصيبة لا يُؤجر عليها. الثالثة: مذمَّة لا يُحمد عليها. الرابعة: سخط الرب. الخامسة: يغلق عنه باب التوفيق
لتسعد لا تقارن نفسك بأحد! وإن كان لابد من المقارنة والمنافسة فقارن نفسك بنفسك ونافس نفسك أن تصل بها إلى أفضل صورة ممكنة.
فاللهم اجعلنا من الراضين بما قدرته لنا، الشاكرين نعمك والائك، المقرين بعدلك وفضلك، وأحفظنا اللهم من عين حاسدة لا تتقي الله فينا.
اترك تعليقًا