عملت مع عشرات الأشخاص من دول مختلفة، كزميلة ، كمديرة، كمدربة ومرشدة ولم أرى في حياتي أتعس ممن يحاولون الهرب من مشاكلهم الشخصية بالعمل العام. من يهربون من تغيير حان أوانه وأصبح ملحاً إلى الإنغماس في مغامرة “تغيير العالم”.
عندما يقرر الإنسان الهرب من مواجهة “نفسه” فيلقي بها في معركة مع العالم ! ينجح البعض بالفعل في العمل العام لأنه يضع روحه وكل كيانه بكل “ذمة” فراراً من مشكلته ومأساته الشخصية!
ولكن .. يبقى نجاحاً أجوف لا يغني ولا يسمن من جوع، نجاح يحسده عليه “البعيدون” وصورة ينبهر بها من يقف على مسافة تحول بينه وبين الرؤية الكاملة، ويصطلي هو وحده بما في نفسه ومحاولات هروب لا تنتهي ومعركة لا تهدأ لأنه لا يفعل أي شيء لتهدأ.
يرفض التعامل معها، يتجاهلها، يتهرب منها في معارك أخرى، يحاول أن يتدثر بإنتصاراته فيها على خيباته الشخصية ! يلقي بنفسه في أتون مشتعل من الشعور بالازدواجية، وعدم احترام النفس، تزداد الرغبة في التحكم وإثبات النجاح المتفلت من أصابع مرهقة تقبض عليه قبض الريح!
لا ينفك القيد إلا عندما يصل الشخص درجة من الألم لا تٌحتمل، فيصبح ألم مواجهة نفسه ومشكلاته الشخصية أقل من ألم الإزدواجية والتزييف.
لا ينتصر الإنسان حتى يقبل أن يدخل معركته مع الحياة ويتصالح مع نفسه ويصبح بإمكانه أن يقلب الصفحة بسلام ويسترجع سلامه النفسي.
أيقظ نفسك، فأنت قضيتك الأولى. وستُسأل عن نفسك، عن خاصتك، عن ذوي قرباك، عن نيتك، وسيحاسبك من يعلم السر وأخفى.
اترك تعليقًا