قرأت تدوينة منشورة على واحدة من أشهر منصات التدوين الإنجليزية تعترف فيه كاتبتها أنها Emotional Vampire وهو تعبير يطلق على من يستهلكون من حولهم بلا هوادة، من يمتصون الهدوء من حياة من حولهم، من يمحون أي حماس فيهم بلا تردد، من يرهقون من حولهم نفسياً ويستهلكون أعصابهم حتى آخر قطرة، من يسعون لجذب الإنتباه طوال الوقت بأي ثمن ويأسرون من حولهم بمظلومياتهم مع القدر.
تقول الكاتبة أنه على عكس ما يظنه “ضحاياها” ليس هناك متعة فيما تفعله وليس هناك تعمد من جانبها لإيذائهم، وأنها أكتشفت أنها تفتقد “الوعي” الكافي بأثر تصرفاتها وما تفعله على من حولها. وأنها لا تدرك ما فعلته من أخطاء إلا بعد “خسارة” جديدة، عندها تكتشف أن ما بدأته وهي راغبة في التواصل وإقامة علاقة سوية مع شخص آخر قد انتهى بخراب العلاقة وإرهاق الآخر وتحميله ما لا يمكن تحمله، وأنها لسنوات طويلة إعتادت لوم من لم يتحملوها و صب غضبها الناري عليهم دون أن تفكر أبداً في “دورها” أو مسئوليتها عما حدث وما فعلته وأدى لتلك النهاية.
ولأن “التشخيص الصحيح” هو أول العلاج، واجهت الكاتبة نفسها وسعت إلى تعلم “الوعي بالذات” والإعتراف بأخطائها ومراجعة تصرفاتها التي تغلب على علاقتها فتفسدها، ولخصت ما تعلمته في عدة نصائح لكل دراما كوين قالت فيها:
– ابذلي جهداً “حقيقياً” في الإهتمام بالآخرين، انتبهي لما يقولون، استمعي جيدا، أسئلي عن التفاصيل ليشعروا بإهتمامك، لا تديري دفة الحديث كل مرة وطوال الوقت إلى “قصتك” ومشاكلك ومظلوميتك. العلاقات الناجحة هي المتكافئة ذات الإتجاهين، التى ينال كل طرف فيها فرصة عادلة أن يُستمع له.
– كفي عن تفسير تصرفات الغير بأنهم يضمرون لك السوء أو يكنون لك “الإحتقار” أو يرون عيوبك بالمنظار المعظم، لا تحاسبيهم على إنعدام ثقتك بنفسك أو أي مشاكل أخرى تعانين منها فهي ليست مسئوليتهم وليس من المنطق أو العدل محاسبتهم عليها. إنما نظن في الآخرين السوء لنؤكد لأنفنسنا هوية أرتضيناها هي كوننا “ضحية” للعالم بأسره، ولا نجني من ذلك إلا الفقد ومزيداً من الألم.
– هناك من لن نعجبهم، من لن يرونا بعين المحبة، من سيرون عيوبنا ولن يقبلونا. كل ذلك طبيعي ويحدث “لكل” الناس. ما ينقصنا هو “قبول” ذلك، والإقتناع بأننا لا نملك أراء الآخرين ولا نملك التحكم فيهم كل ما نملكه هو ما نفعله وردود أفعالنا، وعلينا الإجتهاد أن تكون ردود أفعالنا كريمة، تشرفنا، لا أن “تؤكد” لهم سوءً أو وضاعة تصوروها.
– نفتقر “الإكتفاء” الذاتي و نفتقر “القبول” لذا نتعلق بأسناننا وأظافرنا بمن رمتهم الأقدار في طريقنا، نفعل ذلك بكل قوانا حتى ندميهم و نجهز عليهم ونمزق ما يربطهم بنا، فيفرون منا طلباً للنجاة، ويقع ما نخشاه ويهجروننا. فلنقبل ضعفنا “ونغامر” ونترك لهم مساحات الحرية والحركة ونحررهم من قيود مخاوفنا وأوهامنا.
– نحتاج الكثير من المحبة والعطف والرعاية فنقتنصها متى حانت الفرصة، لكن لا سبيل “طبيعي ومستدام” للحصول على ما يكفينا منها إلا ببذلها “صدقاً”، بالتخلي عن الأنانية والإهتمام الحقيقي بمن نود بقائهم جزءً من حياتنا، أن نحرص على أن نعطيهم بقدر ما نحرص على أن يهبونا.
نجحت الكاتبة في أن تكسر “تابوت الأنانية” الذى حبست نفسها فيه ، لتحيا حياة من يهتم بمن حوله ويبذل لهم من نفسه الحب والإهتمام. تخلت عن رغبتها في “إمتلاك” من حولها و سعت لأن تعود نفسها على الكرم في التعامل و العطاء بدلاً من الأنانية وحب السيطرة، فكان ذلك إيذاناً بحياة جديدة أفضل كثيراً.
ليس بالضرورة أن نكون من نوعية “الدراما كوين” لننظر إلى تلك النصائح بعين الإعتبار، فهي في جوهرها أساس العلاقات السوية المتوازنة، لا ضرر من التفكر فيها ومراجعة أنفسنا وأي توترات في علاقتنا، ربما نكتشف أن هناك ما يمكننا فعله لتحسينها أو أن هناك ما يحتاج لمراجعة من جانبنا.
اترك تعليقًا