فيلم موانا من أفلام ديزني الجميلة جداً، وتدور فكرته عن قبيلة تحيا في جزيرة ويخشى سكانها الإبحار خارجها لأن كل من أبحر منها لم يعد بسبب الوحش المتربص لكل سفينة مارة، ويظل هذا الخوف حتى تتحدى موانا الأسطورة وتحاول الخروج من الجزيرة وتواجه الوحش. هناك أحداث وتفاصيل كثيرة لكن أهمها هو ما ينكشف آخر الفيلم ربما في العشر دقائق الأخيرة.
الإكتشاف الأول أن “الوحش” الغاضب ليس شر بالعكس هي “ربة” الخير مانحة الخضرة والسعادة لكنها تحولت إلى وحش “غاضب” بعد سرقة قطعة من قلبها!
الإكتشاف الثاني أن “السارق” سرق لينال إعجاب الآخرين، ولم يعرف في رحلته مع موانا لإعادة “القلب المسروق” لصاحبته أنها هي نفسها الوحش الذي “يعوقه” عن إعادتها!
في محاولة نيل الإعجاب والتقدير قد نؤذي، ونضر ونتدنى رغم أننا نسعى لعكس كل ذلك!
الغضب حول ربة الخير إلى وحش يؤذي الآخرين ويؤذي نفسه حتى أنه لا يسمح للسارق بإعادة الجزء المسروق.
إستطاع كاتب القصة التفكير في تلك المعاني العميقة والتعبير عنها برمزية.
الفيلم يمكن تلخيصه في كلمات كتبها الدكتور مصطفى محمود رحمه الله، وحفظتها عنه : “لو أطلع كل منا على قلب الآخر، لأشفق عليه”، كل منا لديه مشاكله مهما كانت السعادة التي نراه يرفل فيها والعكس صحيح، بعض من نصنفهم “شر مطلق” قد يكونون ضحايا أحرقتهم نار مأسي لا نعرف عنها شيء.
وصايا الفيلم؛ أولها أن السعي لنيل الإعجاب ورضا الناس لا يجب أن يكون غاية في حد ذاته، أن “تكون” شخص يستحق الإعجاب أهم من أن “تبدوا” شخص يستحق الإعجاب. فالأولى تستدعي أن ترتقي بنفسك “فعلاً”، أن تهذبها، أن تبذل جهدك وأن تكون راضياً عن نفسك، ورضاك عن نفسك هو وتد يمكنك الإستناد إليه في أعاصير الحياة. أما أن تحيا حياة زائفة، همك الأول والأخير، ان تبدوا جيد، فسيستدعي ذلك الكثير من الكذب والتمثيل والإدعاء، وستحيا ممزق بين حقيقة تعرفها وصورة ترسمها!
الغضب حماقة، ولأحد أساتذة جامعة ستانفورد عبارة عميقة تبنيتها منذ سمعتها منه:”الغضب المبرر قد يؤدي بك إلى ما لا يبرر” . أحيانا نُظلم، ونتأذى ويكون غضبنا مبرر ومفهوم، لكن لا يجب أن يكون ذلك مبرر لردود أفعال جنونية تضر ولا تنفع، لا يجب أن يحولنا الغضب إلى شمشون الذي هدم المعبد فوق رأسه قبل رؤوس أعداؤه.
التسامح وحده القادر على إطفاء نار الغضب والكراهية وإعادة نفوسنا إلى سكينتها وهدؤها التي فطرت عليها!
أرشح لكم الفيلم، فهو جد لطيف ويدفع للتأمل وممتع.
اترك تعليقًا