في المقال السابق أقترحت 3 تدريبات تذيد من الإنتباه للمشاعر وتجعل الإنسان “أوعى عاطفياً” ، ولزيادة مستوى الذكاء العاطفي يحتاج الإنسان لتعلم كيف يتحكم في مشاعره ويديرها إدارة جيدة.
قرر من الآن أن تدير مشاعرك. لا يمكننا التحكم فيما نشعربه لكن يمكننا التحكم في ردود أفعالنا.
لا تتهرب من المسئولية عن سلوك غير سليم بأعذار مثل: “من الطبيعي أن أفعل كذا، كلنا يحدث معنا ذلك” من الأن عليك الإقتناع بأن لديك دائماً خيارين : الأول هو ترك العنان لمشاعرك تحرك تصرفاتك دون ظابط و الثاني أن تكون منتبه لمشاعرك، وتستشعرها في تغيرات جسدية كما شرحت في المقال السابق، وأن تكون جاهز “بخطة” لتكون ردود أفعالك لك لا عليك.
فما هي هذه الخطط وكيف نتدرب عليها؟
تدريب “أشعر وأصرف”: في تدريب سابق عرفت مشاعرك المتكررة، بالنظر إليها هل منها ما يفيدك أن تتخلص منه؟ أختر شعور يفيدك جداً أن تتخلص منه.
بحسب علم النفس التخلص من أي شعور أمر سهل ويستغرق أقل من دقيقتان. حدد أين يتجمع هذا الشعور؟ هل يجثم على صدرك؟ هل يعتصر معدتك؟ هل يضغط على أسنانك؟ ذكر نفسك أنك سيد الموقف، أغمض عينيك وركز تفكيرك حيث يتجمع هذا الشعور وتخيل أنك تفتح له الباب وتطلب منه أن ينصرف، وتكرر الطلب خمس مرات. تخيل أن هذا الشعور المؤلم يغادرك ربما كدخان أسود أو أي شكل آخر. أشعر بجسدك يعود له الإسترخاء مرة ثانية،إذا كان جسدك لا زال مشحوناً أترك الباب مفتوح واطلب من الشعور أن يخرج، وأستمر حتى يخرج منك هذا الشعور تماماً.
التفكير المشحون عاطفياً مرهق: بقليل من التأمل يمكننا ملاحظة أن كلماتنا لها أثر كبير على مشاعرنا. كما يستطيع الممثلون أن ينقلوا إلينا شعور معين من خلال كلماتهم وطريقة نطقها يمكن لأي شخص ذكي عاطفيا فعل ذلك. لذلك من الضروري الانتباه لمفرداتنا ومفردات من حولنا. إذا كنت محاط بالكثير من “الدراما كوينز” فستجد نفسك مستهلك ومرهق حتى لو لم يكن لديك أنت نفسك مشكلة !
“تجنب الفخاخ الفكرية “: المقصود بالفخاخ الفكرية هي الفكرة التي متى تعثرنا فيها حتى نستمر في التفكير فيها لا إرادياً حتى نقتنع بأمر معين عن أنفسنا أو عن شخص آخر ونحول ذلك الإقتناع إلى أجسادنا.
تلك الأحاديث التي تدور في رؤوسنا وأغلبها للأسف سلبي تعوقنا عن التغيير وتحسين حياتنا. الشخص الذكي عاطفياً بإمكانه بسهولة صرف المشاعر السيئة بعد التعرف عليها. وإذا كان أذكى فبإمكانه تحويل ذلك إلى طاقة إيجابية والشعور بالحماس بدلاً من الإستسلام. راجع دفتر المشاعر الذي دونتها هل لديك فخاخ فكرية تعاني الوقوع فيها؟ مثال: سرعة الحكم على الأخرين سلبياً “ما خطبه؟ إنه غبي جداً” أو الشعور بتعمد الآخرين إهانتك “ما هذا يهينيني؟ الوغد!” “تسخر من ثيابي وهي “مبهدلة” طول عمرها!”
تدريب: كل عشر دقائق في الساعة القادمة توقف وسجل الفكرة الحالية في رأسك. في نهاية الساعة لديك ستة أفكار. هل هناك تكرار؟ كم منهم إيجابي وكم سلبي؟ في اليوم التالي كرر التمرين كل عشر دقائق لمدة من ثلاثين إلى ستين دقيقة لكن إفعل ذلك وأنت في محادثة أو إجتماع مع شخص آخر. سجل بهدوء أفكارك. لاحقاً راجع أفكارك وتعرف على أيها مشحون بمشاعر أو أحكام سلبية؟ أيها فيه مشاعر وأحكام إيجابية؟ هذا التمرين سيساعدك في التعرف على نوعية تفكيرك. عندما تكون وحدك وفي مكان هاديء فكر في موضوع يشغل تفكيرك من وقت لأخر يظل يتردد في ذهنك ولا يمكنك التخلص منه. توقف وأسال نفسك هل يمكنني التوقف عن الإستماع لهذا الحوار الداخلي؟ نعم أم لا؟ أجب بصوت عالي نعم. سيقف تفكيرك فترة وقد يعود مرة أخرى لكنك تعرف الأن أن بإمكانك إسكاته.
كل ما سبق من تدريبات يضع الأساس لحسن إدارة الذات، تعرفك على مشاعرك وأفكارك هو أول درجات الذكاء العاطفي أما قمته فهو قدرتك على التحكم في نفسك بتأجيل متعة عاجلة لصالح منفعة أكبر آجلة.
مثلاً لو كنت ضعيفاً أمام الشيكولاتة وتنساق لذلك الضعف كلما رأيت شيكولاتة أو فكرت فيها فأنت غير ذكي عاطفياً. المشكلة ليست في الشيكولاتة لكن في عدم تحكمك في إشتهائك لها. التحكم في أي شيء ممكن إذا فكرنا في المنفعة الأفضل المستقبلية طويلة الأحل.
عندما تشعر بالرغبة في الأكل الآن مجرد قدرتك على التعرف على الشعور وصرفه تمكنك من الحفاظ على نظامك الغذائي وعدم إفساده.
بالمثل الرغبة في التحكم الزائد في كل شيء الناجمة عن الفخر بالنفس والإعتداد الزائد بها قد تدفعنا إلى التحكم في الآخرين.
يمكن التغلب عليها مثلا بأن تسأل إبنك مثلا كيف تمضي الأمور؟ بدلاً من إخباره بما يجب عليه فعله وأن تتعود أن تسمعه دون أحكام وأن تجاهد نفسك حتى لا تصححه ولا تنصحه ولا تحكم عليه فهدفك أن تتيح له الفرصة ليتعلم ويشرق وأن تقتنع أن الآخرين لديهم مساحة خاصة ويمكنهم النجاح و أنهم أذكياء مثلك، بذلك يمكنك إنشاء علاقات منسجمة أكثر.
لم تنته رحلتنا مع مهارات الذكاء العاطفي وتدريباته .. غداً نستكمل ..
اترك تعليقًا