كتبت في المقال السابق عن ضرورة إكتساب مهارات الذكاء العاطفي وتنميتها، وفي هذا المقال ثلاث تدريبات عملية تساعد على ذلك.
التدريب الأول: الوعي والإنتباه لما ينتابك من مشاعر:
“ على مدار أسبوع كامل خصص ساعة يومياً تقوم فيها بتسجيل شعورك كما هو دون تبرير أو تحليل في ورقة وإحتفظ بها في جيبك وكلما إنتابتك مشاعر جديدة في خلال تلك الساعة سجلها في الورقة وأطويها وهكذا حتى تمر الساعة. في اليوم التالي أختر وقت آخروأمضي ساعة تقوم بنفس بالتمرين.
الهدف من هذا التدريب، الإنتباه إلى ما ينتبانا من مشاعر تحرك سلوكنا ولا ننتبه لها أصلا. ربما نكتشف أنك تعاني من الملل، أو الحزن أو الاكتئاب، ليس مطلوب منك أن تعرف سبب شعورك أو تبحث في ذلك، المطلوب فقط أن “تُسمي” ما تشعر به. أن تسجل رصيد مشاعر أسبوع كامل.
التدريب الثاني: تحليل المشاعر:
معك الآن من التدريب السابق ورقة مسجل بها الأيام ومشاعرك خلال كل يوم. لون كل شعور بلون مختلف. كيف تبدوا صحيفة مشاعرك الآن؟ أي الألوان/المشاعر تسيطر عليك أغلب الأيام؟ ركز على أكثر ثلاثة أو أربعة تكرروا فهي تمثل مزاجك بصفة عامة. فكر فيها هل هذه المشاعر مفيدة لك أم ضارة؟ هل تؤنب نفسك على أياً منها؟ هل لو تصرفت فيها بطريقة مختلفة كانت مشاعرك ستختلف؟ هل في هذا التغيير فائدة؟ لمن؟ لك أم لآخرين؟ سجل كل ذلك.
مثال توضيحي: اكتشفت من التدريب الأول أن هناك شعور بالغضب يسيطر عليك معظم الأيام فهو الشعور الأكثر. تكراراً، ويليه الشعور بالقلق. تحتد على من حولك بدون أسباب حقيقية، سوى شعورك بالغضب. تفكر أن غضبك من والدك والذي لا تجد متنفس للتعبير عنه معه، تنفس عنه في كل من حولك ممن لا ذنب لهم ولا جريرة!
التدريبات السابقة كاشفة وستعرفك على نفسك وعلى أمور تقع فيها كل يوم ويراها ويعرفها كل من حولك إلا أنت!
التدريب الثالث “الوعي بأثر المشاعر على الجسد”: عند الشعور بالغضب تتقلص عضلات الجسم ويعلو الصوت في عصبية وتتعقد تعبيرات الوجه، كذلك يشعرنا الحزن بثقل الجسم كأننا نحمل عبئاً لا نقوى على حمله، نجد صعوبة في الحركة، وقد نبكي من شدة الحزن. وقد يدفعنا الفقدإلى النوم الزائد للهرب منه. كلنا نستطيع التعرف على هذه التغيرات الجسدية التي تصنعها المشاعر وليست كلها سلبية فالشعور بالحماس على سبيل المثال يجعل أجسادنا تشعر أنها بخير تلمع العينان ويبتسم الوجه وقد ترتفع الضحكات معبرة عن الطاقة الايجابية التي تملأنا. لمدة اسبوع راقب وسجل كيف تؤثر مشاعرك على جسدك. إن ما تراه من تأثير ظاهري، لهو غيض من فيض، فمع كل شعور سلبي أو إيجابي تتغير كيماويات الجسم لتهدمه أو تبنيه !
الثلاث تدريبات السابقة ستجعلك “واعي عاطفياً” أكثر من أغلب الناس لكنها لن تجعلك أذكى عاطفياً. مازلت بحاجة لتعلم كيف تتحكم في مشاعرك وتديرها إدارة جيدة .. في مقال تالي نستكمل الرحلة ..
اترك تعليقًا