كتبت مقالات عديدة عن الأثر السلبي لإستخدام شبكات التواصل، من أول إدمانها وضياع الوقت فيها إلى خطورة خوارزمياتها التي تسهم في نشر الإكتئاب وكل الإستخدامات السلبية واللأخلاقية لعلم النفس حتى وصل الأمر إلى إجراء تجارب على المستخدمين.
منذ فترة طويلة أصبح تعاملي مع الفيسبوك أنه ساحة “للمجانين” وأصبح تصفحي له إنتقائي جداً ولأهداف معينة لا اكثر.
أدهشني قيام أحد الأطباء بإستغلال جائحة كورونا في جمع المتابعين بنشر بروتوكلات العلاج على الملأ مما تسبب في أزمة في عدد من الأصناف وعوقب على ذلك من وزارة الصحة.
الأمر لا يحتاج تفكير كبير لإدراك عاقبة تصرفه، فقد توقعت ذلك فور نشره البروتوكول وأنا لست طبيبة وليس ذلك مجال عملي، لكن 1 +1 = 2 وأهل مكة أدرى بشعابها، ومن المفترض أن الطبيب مسئوليته الأولى أخلاقية ! فكيف تخلى الدكتور “الكبير” صاحب هاش تاج #متزعلوش عن مسئوليته – أو ربما عقله- وتسبب في أزمة دوائية أضرت بمرضى المناعة المساكين مقابل شهرة ملعونة!
الغريب أن “العدوى” أو اللوثة انتقلت إلى شبكة لينكدإن، فأصبح مستخدميها “المهنيين” يسعون إلى جمع “المتابعين” كهدف رئيسي ولا بأس من الإبتذال في سبيل ذلك.
أرى شابات وشباب “يفتي” بنصائح عن افعل ولا تفعل وعذرا لا أجد كلمة أكثر تعبيرا عما أشعر به، ولأن وظائفهم في إدارات التوظيف فخلفهم متابعين – باحثين عن وظائف- بالأساس “تطبل” و “تهلل” للهبل واللا مهنية.
أعذر الكاتب لصغر سنه وخبرته وعدم قدرته على مقاومة إغراء “اللايك والشير” وأعذر المتابع لأنه قد يكون “جاهل” او محتاج لخدمات كاتب “الهجايص”.
لكن ما لا أعذره أن يفعل ذلك “الكبار” أن يكون شخص عاقل عمل سنوات طويلة ولديه خبرة عملية وعمر ذاخر بخبرات الحياة ثم يتصرف بإبتذال لينافس “نجوم” الشبكات !
فينشر أحدهم طلبات توظيف يقول انها ترسل له ومنح نفسه بسببها لقب “حبيب الغلابة” ويستعطف المستخدمين ان يعيدوا نشر ما ينشر، ويشاركوه لعلهم يكونوا سبب في فتح باب رزق للطالب.
الغاية جميلة، ولكن لماذا لم نعد نكتفي أن نفعل الخير ونساعد من يطرقون ابوابنا من “سكات” لماذا اصبحنا نحتاج أن “نكسب” وأن نمنح أنفسنا أوسمة وألقاب ونياشين !
الأ يمكن أن نساعد الناس مع الحفاظ على كرامتهم وإحترامهم، والأ نتكسب من معاناتهم وإحتياجهم.
عندما يصدر ذلك من أناس مسئولة لهم سنوات خبرة طويلة، فيصبح الشغل الشاغل، ليس أن يؤدي الواحد منهم مهمته، أو يقول كلمته ويتركها تصل حيث يريد الله أن تصل، يصبح شغله الشاغل “الشهرة”.
عملت عمل مباشر مع شخصيات دولية ذات حيثية إذا فتحت حساباتهم على شبكات التواصل تجدها “خاوية على عروشها” رغم أنهم أعلام في مجالاتهم وأشهد على تميزهم وفكرهم وأخلاقهم ونجاحاتهم التي تظهر في مكانها وفي بيئتها الطبيعية لا في أسواق عكاظ الإليكتروني.
شبكات التواصل مفترض انها “للتواصل، لتبادل الخبرات، لكي نتعرف على وجهات نظر أخرى، على ثقافات مختلفة، ولكننا بقدرة قادر حولناها إلى مسارح تعرض عليها تمثيليات مكررة لممثلين رديئين وجمهور أحمق لا يملك أي درجة من درجات الفكر النقدي.
أتمنى ألا يصل فيروس “الهبل” إلى المدونات، لتظل متنفس هاديء، تكتب فيه أفكار وخبرات وذكريات، أو أدب حقيقي وفن ليصل “للمهتمين” لا المتسكعين بلا هدف .
اترك تعليقًا