.في سبتمبر 1982 واجهت شركة الأدوية والمنتجات الطبية ” جونسون أند جونسون ” موقف عصيب، حيث توفي 7 أشخاص في إحدى الولايات الأمريكية عقب تناولهم واحد من العقاقير المُسكنة التي تنتجها الشركة -تلينول- بسبب تلوث “بعض” العبوات بفعل فاعل .
كان العقار من أفضل الأنواع في فئته وأكثرها مبيعاً فيما يبدوا أنه حادث متعمد من شركات منافسة.في موقف كهذا عادة ما تتجاهل الشركة مسئوليتها عما حدث وتتمسك بكونها ضحية المنافسين، لكن ما فعلته إدارة الشركة كان مذهلاً ونموذجاً في تحمل المسئولية الأخلاقية حتى إذا أنتفت المسئولية القانونية، قامت الشركة بسحب العقار بالكامل من الأسواق وليس فقط في الولاية التي وقع بها الحادث وقامت بإعادة تصميم العبوات بحيث لا يمكن العبث بها، وكلفها ذلك 100 مليون دولار !
إنخفضت أسهم الشركة في البورصة بعد الحادث كرد فعل طبيعي لتوقع إنخفاض مبيعاتها، لكن سرعان ما إستعادت تقدمها في السوق بعد ما أتخذته من إجراء كلفها مادياً لكنه أثبت للمستهلك أنها شركة تضع مصلحته “أولاً” صدقاً وليس كلاماً، وأثبت للمستثمرين فيها أن إدارتها إدارة إستثنائية تستحق الإحترام والتقدير والثقة.جونسون أند جونسون كانت وما زالت من أنجح الشركات ليس بمنتجاتها الطبية ولكن بإدارتها الحكيمة و”ثقافة” المؤسسة.
دخلت جونسون أند جونسون بهذه الحادثة/القرار كتب الإدارة لتُدرس كنموذج للإدارة الأخلاقية ونموذج لحسن التصرف في وقت الأزمات، فالإدارة المسئولة التي تتحلى “بروح القيادة” وتتخذ القرار “الصحيح” مهما كلفها الأمر.
.ماذا تفعل عندما تجد نفسك في مأزق؟ هل تفزع إلى “إنقاذ” نفسك؟ سمعتك؟ “شكلك” قبل أي شيء وبأي ثمن؟ هل تسعى لتقليل خسارتك “الشخصية” بالدرجة الأولى؟ أم تختار ما يتفق مع الأخلاق والقيم مهما كلفك الأمر ومهما “خسرت”؟!
عندما تكون “أنت” محور الأمر، تكون النظرة ضيقة ومحدودة، والصواب أن تنظر إلى الصورة كاملة ومن وجهة نظر الأطراف الأخرى لتراعي “المصلحة العامة” قبل الشخصية، وليس العكس..ربما منحتك “الحيلة” بعض المكاسب أو وفرت عليك بعض الخسائر على المدى القصير . لكن ثق على المدى الطويل هناك خسائر أفدح أولها وعلى رأسها معرفتك بأنك “مذنب”، وكفى بالألم النفسي عقاب.
وقد يعرف الناس ما أخفيته وتدفع فواتيرك بالفوائد كاملة غير منقوصة فتلك هي سنة الحياة..في إدراتك لنفسك وقرارتك أو عملك وفريقك إنتبه هل قراراتك أساسها “إنفعالاتك” ؟ هل تقودك “مخاوفك” تارة بالتزيين وتارة بالتبرير؟ أم تمسك أنت بزمام الأمر ومعاييرك هي الحلال والحرام والضمير والأخلاق؟.
القرارات الشخصية أوالعملية التي يقودها الخوف، أوالمصلحة الضيقة .. سيئة .. مهما بدا لك غير ذلك ! فالذل ليس ذل الفقر ولا ذل الهزيمة ولا ذل الخطأ، الذل ذل المآل. ولا ينجوا إلا من وضع مراقبة الله نصب عينيه في كل وقت وحال.
النجاح “الحقيقي” هو ما يمنحك نعمة أن تضع رأسك على وسادتك ليلاً وأنت “راضٍ” عن نفسك وعن أفعالك، ولا يقدر ذلك بثمن !
اترك تعليقًا