
كلما فتحت أيا من شبكات التواصل أو منصات الأخبار ومواقع الجرائد اليومية أجد أخبار الموجة الثانية من الكورونا وتحذيرات قرب وصولها حفظ الله منها بلادنا. المواقع جميعها محملة بكم من التوقعات السلبية والسيناريوهات المظلمة ولا إندهاش من ذلك، فصحافة الخبر وما يجذب أنتباهنا دائماً ويسوقنا لمعرفة المزيد هي المشاعر السلبية الخوف، القلق، التوتر كلها مشاعر تتحكم في تصرفاتنا وسلوكنا وتؤثر فينا بقدر يفوق المشاعر الإيجابية! فما العمل؟
نعم هناك أزمة كبيرة ضربت العالم، نعم هناك خطر، لكن هناك رب لهذا الكون. لست وحدك. تذكر ذلك بصدق ويقين كافٍ أن يعيد للقلوب الأمان. لست متروك في هذه الدنيا وحدك حتى وإن لم يكن معك أو لك أحد. الله معك. يراك ويرزقك ويحفظك وينجيك ويحميك دائما وأبدا. وقد جربت ذلك عشرات المرات لكن الشيطان ينسيك!
عقلك الجامح في أمواج المجهول ضع لجامه ولا تكن أسيره. النفس أمارة بالسوء، سلبية،هلوعة لكنك لست نفس وعقل فقط. لك روح قادرة على الإرتقاء بك حيث لا يصل العقل، قادرة على الإتصال بخالقها والإرتكان إليه فقط أفتح لها المجال لذلك، امنحها مساحتها العادلة من كيانك لترتفع بك من غياهب اللحظة الصعبة إلى أفاق أرحب وأنقى حيث السكينة والأمان.
الانسان أسير عاداته. قاوم الهم بالإمساك بزمام أفكارك، لا تترك لعقلك الحبل على الغارب. قرر أن تفكر في كل ما يسعدك، أن ترى فيما حولك الآن في هذه اللحظة ما أنت ممتن له. وإن كان سقف فوق رأسك وباب يغلق عليك. أنت في فيض من النعم مهما كان حالك ومهما كانت ظروفك. فكر فيها وكن شاكراً لها فمانحها وعد من شكر بالزيادة. فلماذا القنوط واليأس والتفكير دائما وأبدا فيما لا تملك، وما ينقصك وما يؤرقك. أتعلم أن التفكير السلبي يهدم جسدك قبل روحك؟ أتعرف أن كل شعور سلبي من غضب أو ندم أو سخط أو حقد أو إنفعال جميعها تفرز في جسدك مواد كيمائية تمرضك وتقلل مناعتك وتهدم أجهزة جسمك يوماً بعد يوم ! وعلى العكس من ذلك كل شعور إيجابي يعطيك دفقات متزايدة من كيماويات السعادة والإسترخاء وتعزز مناعتك وتقوي أجهزة جسمك. تلك الحقائق البسيطة مثبتة علمياً وتعزز ما تحض عليه الأديان من الرضا بما قسمه الله، والتوكل عليه، وعدم التسخط والغضب الذي يهدم ولا يبني.
تفائلوا بالخير تجدوه، وحديث النفس يقع أؤمن بذلك! طمئن نفسك بنفسك، ذكرها بفضائلها، بالأزمات التي مرت وتخطيتها بفضل الله، ذكرها أن كل الأزمات تنتهي، بل كل الأوقات تنتهي. كل شيء مؤقت. والأزمة ليست سرمدية، الصبر دواء مر لكنه ناجع. والصبر صبر الراضين فالمجبرين المتسخطين لا يسمى إنتظارهم المجبورين عليه صبرا. الصبر الجميل هو انتظار الفرج مع الرضا والأمل.
العقول المرهقة في طلب الرزق، وإدارة شئون الحياة تستحق دقائق من الراحة. دقائق من ممارسة عبادة مهجورة فطن لها أهل حضارات أخرى شرقية وغربية وهي عبادة التدبر. لي أصدقاء أمريكيين يمارسون التدبر يومياً دون إنقطاع! أن تتدرب على قضاء لحظات تغلق فيها أفكارك، تشعر فيها بوجودك وباتصالك بما حولك في هذا الكون. تتأمل وتتدبر ربما بتتبع كيف تتنفس، كيف تحدث معجزة التنفس التي لا نشعر بها إطلاقا رغم أن الحياة كلها معلقة بنفس !
من أهم أسباب التوتر والإرهاق أننا مشغولون عن الحاضر إما بالماضي أو بالمستقبل أو كليهما. الماضي مضى فما جدوى الندم والحزن على أيا مما وقع فيه؟ خذ الدرس مما حدث ولا تترك نفسك أسيره. والمستقبل لا يعلمه إلا الله! كل شيء قابل للتغير ما تتوقعه وتظنه واقع لا محالة الله قادر أن يغيره بلا شك! فلماذا تشغل نفسك بما لم يقع بعد وقد لا يقع؟ خطط لغدك بقدر ما تملك الآن وبقدر ما تعرف الآن ولا تحمل نفسك فوق طاقتها. وأعلم أن أهم إنجاز هو أن يمر يومك بخير، هذا هو هدفك الأول والأهم. أن يمر اليوم بخير، أن تقوم بما عليك أن تقوم به اليوم على أكمل ما تستطيع، أن تكون راضيا عن نفسك اليوم. عش اللحظة واترك الغد للغد.
لتستطيع أن تقنع نفسك بذلك، بأن تترك قيادها لخالقها وترضى، ذكرها بحجمها في هذا الكون الشاسع. أذهب إلى شاطيء البحر، من أنت بجوار البحر؟ البحار، السماوات، الأرض، ما أنت وسط كل بني أدم؟ ما أنت وسط كل مخلوقات الله؟ أنت جزء صغير جدا جدا من خلقه. أشحن طاقتك من كل ما أحاطك به وسخره لك. من شاطيء البحر، من حضور ولادة شمس يوم جديد. أستشعر عظمة الله وقدرته وصغرك وقلة حيلتك وقدرتك. وأسأل نفسك أيعجزه أن يعطيك كل ما تسأل؟ أيعجزه أن ينجيك؟ أيعجزه أن يبدل حالك إلى أحسن حال؟
حاشاه !
اترك تعليقًا