بسبب جائحة كورونا وفرض الحظر الصحي والتباعد الأجتماعي شهد قطاع الاعمال قفزة رهيبة في مجال الرقمنة والتحول إلى التجارة الالكترونية حيث قدر الخبراء حجم النمو الذي حدث في ثلاث شهور بما يوازي نمو عشر سنوات.
فقد كشفت استطلاعات شركة ماكنزي وهي من أكبر شركات الأستشارات في العالم أن أكثر من 40% من المستهلكين قد تغير سلوكهم الشرائي سواء من خلال تجربة علامات تجارية جديدة أو الشراء من موردين وتجار جدد.
في الأزمات عادة ما يتمسك المستهلك بما يعرف لكن جائحة كورونا قلبت كل الموازين وتضافرت عوامل كثيرة لتجبر أغلب المستهلكين على البحث عن السعر الأفضل في ظل الأزمة المالية الطاحنة التي طالت الجميع وفي أحيان قنع المستهلك بشراء السلعة المتوفرة وإن لم تكن هي نوعيته المفضلة. كذلك أتجه كثير من المستهلكين لدعم الشركات وأصحاب الأعمال الذين إهتموا بموظفيهم ولم يسارعوا بتسريحهم فكأفيء المستهلكين تلك الشركات بالتعامل معها.
في المحنة منحة دائما، وكورونا محنة قاسية وفريدة ووحدهم أصحاب الاعمال الذين بادروا بالتعامل الايجابي معها نالهم من منحها جانب. فمن أسرعوا بتبني محاولات تقليل الاصابات سواء بتغيير أسلوب البيع وأداء الخدمات أو من خلال تبني مبادرات اجتماعية حصلوا على تقدير وولاء المستهلكين بالطبع وانعكس ذلك بزيادة مبيعاتهم بينما وقف الكثيرون موقف المذهول حتى طالتهم خسائر فادحة.
هناك قطاعات شهدت ازدهارا وهي قطاعات التكنولوجيا خاصة المعنية بالتجارة الالكترونية وسعى اصحاب الاعمال الاذكياء الى اتمتة أعمالهم التجارية والخدمية فقد أصبحت جودة تجربة المستهلك في تصفح موقع الشركة عامل مؤثر في كسب العميل او فقده. كذلك سهولة ودقة عمليات الشراء وخدمة ما بعد البيع أصبحت هي الفيصل بين الحصول على عميل جديد أو فقد عميل.
ولم يقتصر الامر على الميكنة والاتمتة للاعمال التجارية فأصحاب الاعمال الذين حرصوا على توفير معايير الأمن والسلامة واتباع الاجراءات الصحية اصبحوا مفضلين في التسوق عن الجهات التي تجاهلت هذه الأمور ذات الأهمية القصوى لدى العملاء.
البعض قام بتوفير خدمة تصفح السلع على الموقع وحجزها ثم التوجه لأقرب فرع لاكمال عملية الشراء والبعض وفر خدمة التوصيل حتى باب المنزل واتاحة السداد نقدأ او بالبطاقات البنكية فسهلوا كثيرا على عملائهم وشهد بعضهم رواجا نتيجة زيادة حصتهم السوقية عن آخرين لم يتعاملوا مع الجائحة بالسرعة والحكمة الكافية.
إن تقرير ماكنزي وبرغم انه عن دراسة للسوق الامريكية والاوربية بالاساس إلا ان الوضع في مصر لا يختلف كثيرا فكربة أسرة زمنذ بدأت أزمة كورونا اتجهت بالفعل للشراء من المتاجر الالكترونية ووجدت كل شيء متوفر ومن اكثر من جهة وبأسعار مختلفة، تعاملت مع متاجر كبيرة فشلت في الوفاء بمواعيد التسليم أو لم تكن تجربة الشراء منهم مرضية فكانت النتيجة انتقالي للتعامل مع غيرهم رغم أني كنت عميلتهم لسنوات طويلة سابقة.
ولعل من ألطف ما صادفت بائع خضروات في حي قريب من منزلي “جنة الفواكه والخضروات” وقد حول حسابه على الفيسبوك إلى واجهة الكترونية ينشر عليها يوميا صور الخضروات والفاكهة وأسعارها ورقم الهاتف لتلقي الطلبات.
أستطاع محمود الشاب الصغير الذكي أن يكسبني كزبونة مستديمة حتى بعد إنتهاء فترة الحظر فبضاعته ممتازة وأسعاره جيدة وخدمة التوصيل معقولة جدا ولم يتأخر أبدا في توصيل طلبية. الانسان المثابر الذكي الأمين يرى المنحة في المحنة ولا يضيع الله أجر من أحسن عملا.
اترك تعليقًا