اللحظة الأخيرة – 2

enjoytime

في المقال السابق أو ضحت أن سبب التسويف/التأجيل/التقاعس عن أداء الواجب هو السعى للإستزادة من كل ما يمتعنا أو الإنغماس فيما يلهينا عما يؤلمنا وهي حقيقة أقرتها العديد من نظريات علم النفس وفي قلب معظم نظريات “سيجموند فرويد”.

التقاعس والتسويف داء خطير، حتى أننا نعوذ بالله من الكسل كما نعوذ به من الكفر والفقر والقهر في الأذكار اليومية، فالكسل/التسويف/ التأجيل يسرق وقتك، ووقتك هو عمرك!

من أعتادوا الإنتظار حتى “اللحظة الأخيرة” مهملون في إنجاز كل ما ليس له “موعد”، وما ليس له Deadline  حيث لا احد/لاشخص يحثهم على “بدء” العمل.

من المؤسف أن الحياة “الناجحة السعيدة” لها واجبات وإلتزامات ليس لها موعد أو Deadline!

رعايتك لصحتك واجب ليس له موعد، حفاظك على لياقتك البدنية والنفسية واجب ليس له موعد، تحسينك لمهاراتك ليس له موعد، إهتمامك بمن تحبهم ليس له موعد.

الكثير مما له كبير الأثر على نجاحنا “الحقيقي” في الحياة ليس له موعد، ولن يسألنا أحد عليه، ولن يحثنا على أداؤه ووحدنا سندفع الثمن باهظ لإهمالنا!

ندفعه عندما نمرض مرض عضال كان يمكن تجنبه.

ندفعه عندما نفقد من نحبهم ونندم على تقصيرنا في حقوقهم أو تقصيرنا في الإرتواء من حضورهم.

ندفعه عندما نكرر تصرفات تقودنا لمشكلات مكررة لتقاعسنا عن التعلم والتغيير.

كيف نتغلب على التسويف /التقاعس/ التأجيل علمياً؟

الخطوة الأولى: قبل كل شيء اعلم أن صرف تركيزك إلى شيء أقل إمتاعاً مهمة صعبة ليس عليك وحدك ولكن علينا جميعاً، طبيعتنا الانسانية تسعى إلى ما يسعد ويريح وتنفر مما يتطلب جهد ويؤلم. لكن عليك أن تعترف لنفسك أنك متقاعس “بزيادة” وأن لذلك أثار سلبية على حياتك. وبهذا الوعي تنوي “فعلاً” التخلص من هذا الداء “لمصلحتك” قبل أي سبب آخر، وأن تعزم على التغيير وتستعين بالله على ذلك.

الخطوة الثانية : أن تسأل نفسك عن سبب تقاعسك؟ هل تترك ما عليك أداؤه لأنك منغمس في ملهيات ممتعة مقارنة بالواجبات؟ أم لأن هناك ما تعاني منه – مخاوف من صعوبة المهمة،عدم معرفة كيفية التصرف فيها، شك في قدرتك على إنجازها، قلق من الفشل، أمور أخرى تشغل تفكيرك وتنغص حياتك وتتجاهلها بإضاعة الوقت؟!

تحديدك السبب “الحقيقي” سيؤثر على خطتك في التغلب على التقاعس والتسويف.

 .

الخطوة الثالثة:

إذا كان سبب تقاعسك هو التمسك بما هو اكثر امتاعاً، يبشرك علم النفس أن تلك الطبيعة الساعية وراء الأمتع هي نفسها يمكن إرضاؤها بمزج المهمة الثقيلة بجرعة بسيطة من المتعة “تغلوش” على ما نستثقل عمله.

على سبيل المثال أعمال المنزل قد تصبح أيسر على النفس إذا استمعنا لأغنية معها، أو مسلسل.

كتابة التقرير يمكن إنجازه في النادي مثلاً مع قدح قهوة مظبوط على المزاج وقطعة حلويات .

الدراسة والإستذكار ستصبح أمتع إذا كانت مع أصدقاء – لا يعانون نفس المشكلة ! – فنأتنس بهم ونستعين بهم على الإستذكار.

إذا كان تقاعسك بسبب إستثقالك المهمة أو خوفك من الفشل فالحل ان ترفع من ثقتك بنفسك وتحسن كفائتك ومنها:

ذكر نفسك أن مشاعر الضيق وعدم الارتياح لن تختفي بتأجيلها – بالعكس تتضاعف- وأن الافضل القيام بالمهمة والانتهاء منها بدلا من أن يثقل الانسان كاهله بمشاعر الذنب لتأجيلها ووقوع ما يكره نتيجة لإهماله.

اطلب مساعدة من يستطيعون تسهيل الامر عليك بخبراتهم وعلمهم.

قسم المهمة إلى مهام، أو خطوات صغيرة محددة بوقت للإنتهاء منها.

كافيء نفسك على إنهاء كل خطوة بوقت ممتع أو فعل شيء تحبه.

الخطوة الرابعة:

أن تسعى للتخلص من داء التسويف والتقاعس كلياً فأياً كانت أسبابه ومبرراته .. هو في النهاية عادة. وتغيير العادات علم له خطوات مضمونة النتائج.

بصفة عامة الانتقال من شيء ممتع لشيء أقل إمتاعاً صعب، لكن العكس يسير.

لذلك “تعود” ألا تبدأ يومك بما يمتعك بالعكس ابدأ بواجباتك وما عليك فعله واجعل ما تستمع به هو مكافأتك على إنجازه.

تجنب المغريات والمشتتات وابعدها عن متناولك حتى تنتهي مما عليك إنهاؤه.

ضع لنفسك Deadline  خاص قبل الموعد الحقيقي بفترة كبيرة، راهن نفسك – أو شخص آخر- على ان تنهي العمل فإذا اخفقت خسرت الرهان وكانت هناك عقوبة وإذا فزت كافيء نفسك.

احرص على حصولك على نصيبك من الراحة والاستمتاع “حقاً”،لا تخلط بين مشتتات الذهن/ تضييع الوقت بلا مردود حقيقي والاستمتاع. قد تكون حياتك خالية مما يمتع فعلا ومليئة بملهيات تستهلكك ولا تهبك اي طاقة نفسية أو إيجابية.

كلمة أخيرة حتى لو لم يكن عليك ضغوط أو لم يكن لك عمل أو دراسة تشغلك اخلق لنفسك ما يفيدك ويفيد غيرك وألزم نفسك به. تعبد، تطوع ، تريض، ، تعلم ، صل رحمك، أعن صديق أو جار، استفد بكل لحظة من لحظات حياتك، احترم نفسك وأحبها وأكرمها وثمن وقتها بالغالي لأن كل لحظة إن لم تكن لها فهي عليها، وانتبه اشد الانتباه “لصحبتك”، كن مع من تحب أن تكون مثلهم، أصحاب النفوس الزكية الطيبة، فالصحبة الصالحة خير عون على التغيير.

Comments

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

%d مدونون معجبون بهذه: