لا يمر يوم دون خبر جديد عن الروبوتات والذكاء الصناعي، أخبار تعدنا بفرص وتطورات مبهرة وتهددنا في نفس الوقت بمواجهة مواقف لم تخطر لنا على بال.
نشرت منذ عدة شهور مقال بناءً على تقرير المنتدى الإقتصادي الدولي يحذر من أثر هذه التطورات على سوق العمل، ومما جاء فيه أن وظائف الإدارة وكل ما يعتمد على “المشاعر” الإنسانية من وظائف فهو بدرجة كبيرة في أمان فلم يستطع الانسان بعد تطوير “الشعور” في الآلة.
حدث تطور الأسبوع الماضي بظهور مشروع روبوت يُعد ليقوم بدور “رئيس مجلس إدارة”. تقنيات الذكاء الصناعي تعتمد في جوهرها وبصورة مبسطة على قدرة الحاسبات الفذة على هضم وتحليل كم كبير من المعلومات في فترة وجيزة من الزمن والقدرة على الإستنتاج وإنتاج معرفة جديدة. بناءً على ذلك فإن تحميل رئيس مجلس الإدارة الآلي بالخبرات الإدارية اللازمة يكفي لضمان الحصول على رئيس مجلس إدارة “سوبر ناجح” بدرجة كبيرة !
لكن لا زالت هناك نقطة ضعف لم تحل، رئيس مجلس الإدارة “الذكي” لا يملك “قلباً”، ستكون قراراته صحيحة من وجهة نظر المال والأعمال ربما بدرجة 100% لكنها قد تفتقر “البعد الإنساني” تماماً !
قد يتخذ رئيس مجلس الإدارة الآلي قراراً بفصل العمالة وإستبدالها بأهله وعشيرته من الآلآت ولن يفعل ذلك من باب الفساد والمحسوبية لا سمح الله ولكن من باب “الفعالية” والكفاءة، وسيكون قراره صحيحاً عملياً ذو أثار سلبية إنسانياً. أن يفقد أشخاص وظائفهم ليس بسبب تقصير أو عدم كفاءة علمية ولكن لأن الآلة ستؤديها أفضل وبلا شكوى وبلا مطالب وكما يراد منها بالظبط في كل الأوقات وتحت كل الظروف، معضلة أخلاقية!
قد يحجم المدير “الإنسان” أو على الأقل سيتردد في قرار كهذا، وقد يحجم عن قرارات أخرى لأنها قد تعرض وظيفته للخطر فيهاب إتخاذها، أما المدير الآلي صاحب القلب الحديدي فسيتخذ كل تلك القرارات بلا تردد !
ولو نظرنا إلى أبعد من ذلك الذكاء الصناعي بطبيعته وطريقة عمله سيتفوق على الانسان في الذكاء لا محالة في وقت ما، لذلك يدعوا “بعض” العلماء إلى ضرورة تغذية هذه التكنولوجيات بمحددات أخلاقية لأن عندها سنحتاج أن يعاملنا الروبوت معاملة “أخلاقية” ورحيمة فلا يقضي علينا لأننا بلا جدوى إقتصادية مثلاً!
ماذا لو استخدم الذكاء الصناعي في قيادة الحروب؟ ما هي الحدود الأخلاقية التي سيراعيها الروبوت المقاتل؟!
كلنا نعلم أن الذكاء الزائد بلا اخلاق كارثة، ونطلق على من يملكوه مرضى وسيكوباتيين .. إلخ فما بالنا “بماكينات” نجتهد ونجتهد لتتفوق علينا لنصبح تحت رحمة من لا ضمير ولا قلب له!
البعد الأخلاقي في تكوين وتطوير الروبوتات جانب مهمل من العاملين في هذا المجال “حتى الآن”، وستدفع الانسانية ثمن ذلك غالياً إن لم يتم معالجة ذلك بالجدية اللازمة !
أدعوك لإستشراف المستقبل بمشاهدة هذا الفيديو من إنتاج جريدة الجارديان.
اترك تعليقًا